بناء الشخصية السلفية في ظل المتغيرات[محاضرة مفرغة]

تكبير الخط تصغير الخط

بناء الشخصية السلفية في ظل المتغيرات[محاضرة مفرغة]
   للتحميل بصيغة Pdf اضغط هنا
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصَّلاة والسَّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن نهج نهجه إلى يوم الدين، ونجدِّد الشكر ثالثًا ورابعًا وخامسًا للإخوة الداعين وللإخوة الحاضرين، ونسأل الله -عز وجل- القبول منَّا ومنكم أجمعين.

موضوعنا اليوم هو مقومات بناء الشخصية السلفية في ظل المتغيرات.

أجمل شيء في هذا العنوان هو آخر كلمة فيه، وهي: (في ظلِّ المتغيرات) لماذا هذه الكلمة هي أجمل الكلمات في هذا العنوان؟

لأنَّنا حينما نتكلم عن بناء الشخصية السَّلفية فنحن لا نتكلم إلا عن بناء الشخصية المسلمة؛ حتى لا يقول أحد: أنتم تبنون في غير الإسلام، وأنتم لديكم مصطلحات جديدة، نحن نتحدَّث عن الشخصية المسلمة التي تؤمن بالإسلام الحقِّ الذي جاء به الرَّسول -صلى الله عليه وسلم- والذي فهمه عنه السَّلف الصَّالح، ونقلوه إلينا غضًّا كما أنزل؛ كما قال -صلى الله عليه وسلم-: “بعثت بالحنيفيَّة السمحة”([1])، وقال -صلى الله عليه وسلم-: “تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك”([2])، فالشخصيَّة السلفيَّة هي الشخصية التي تؤمن بأن دين الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذي جاء به واضحٌ ليس فيه خلاف بين ليله وبين نهاره؛ ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: “لا يزيغ عنها إلا هالك” لماذا؟ لوضوحها.

فنحن نتحدث عن الشخصية المسلمة الإسلام الحقيقي؛ لكن كلمة: (في ظل المتغيرات) هذه الكلمة هي التي تبين لنا الحاجة إلى تميُّز السلفيين عن غيرهم من المسلمين؛ لأنَّ السلفيين وحدهم هم الذين يحملون الإسلام الصَّحيح.

قد يسمع هذا الكلام أحدهم ويقول: أنتم تحتكرون الحق، فماذا نقول له؟

نقول له: نعم نحن نحتكر الحق، ندَّعي -ونحن واثقون- أنَّ الحق معنا، ولا يوجد جماعة من الجماعات الإسلامية سواء أكانت جماعةَ فرق أو جماعة دعوية أو غيرها إلَّا وتدَّعي أنَّ الحق معها، وإلا لو كانت لا تدَّعي أن الحق معها كان بقاؤها على ما هي عليه سفهٌ وضلال؛ لأنَّ موضوع العقيدة وموضوع الدين ليس أمرًا سهلًا، هو موضوع مصير، وموضوع جنة ونار، فحين تقول: والله أنا سلفي، وقد يكون الحق مع الصُّوفية، وقد يكون الحق مع الأشاعرة وقد يكون ..، (قد يكون) هذه الموجودة في هذا الكلام معناه أنَّك لا تمتلك اليقين، واليقين مطلوب في الإيمان.

ما هي الأدلة التي تدل على أنَّ اليقين مطلوب في الإيمان؟

اليقين بمعنى العلم القاطع الذي ينبغي أن يكون عندنا في ديننا كما قال تعالى:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} [محمد: 19]، فاعلم: يعني تيقَّن، وقول الله عز وجل: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} [هود: 112]، وقول الله عز وجل: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا} [الروم: 30]، هذه الكلمات التي تأمر بإقامة الوجه وإقامة الدين والاستقامة، وكلام الرسول -صلى الله عليه وسلم-: “قل آمنتُ بالله ثمَّ استقم”([3]) ، ما معنى استقم؟ يعني: سر على هذا الطريق الذي تركك عليه الرَّسول -صلى الله عليه وسلم-.

إذًا هذا الكلام ليس فيه أوهام، ليس فيه ظنون، لا بد أن يكون الإنسان قاطع اليقين بما هو عليه من صحَّة الدين، وحينما نتكلَّم عن هذا نتكلم عن أوَّل مقوِّم من مقومات الشخصية السلفيَّة، وهي: اليقين والاعتزاز بما هو عليه.

لا يغتر السلفي بالكلام الإعلامي الذي يتكلَّم عن قضية أنَّ الجميع يؤخذ من قوله ويرد، كلٌّ يؤخذ من قوله ويرد؛ هذا في مسائل الفقه، المسائل التي يجوز فيها الخلاف، ويسوغ فيها الخلاف، بينما المسائل التي لا يسوغ فيها الاختلاف لا يوجد فيها قضية (كل يؤخذ من قوله ويرد)، بل القول القاطع فيها هو ما عليه سلف الأمة، سواء أكان ذلك في العبادات، أو في الأسماء والصفات، أو في الأخلاق، كل هذه الأمور الصَّواب فيها ما عليه سلف الأمَّة، لا يوجد فيها: (كلٌّ يُؤخذ من قوله ويُرد)، حينما يتحدَّث الحداثيُّون ويقولون: لا أحد معصوم، والعلماء ليسوا معصومين، وكل يؤخذ من قوله ويرد، فإنهم يريدون هدم هذا المنهج الذي عليه سنام أهل السُّنة والجماعة.

من هم ذروة سنام أهل السنة والجماعة في الواقع المعاصر؟

السَّلفيون أتباع السَّلف هم سنام أهل السُّنة والجماعة، لا بدَّ أن يكون لدينا يقين بهذا الأمر، نطرحه بقوة، ونتكلَّم عنه بقوة، ولا نستحي من طرحه؛ لأنَّ الآن هناك هجمة كبيرة جدًّا على السلفية تريد أن تزعزع هذه القضية وتجعل الناس يستحون من أن ينتسبون إلى السلفية.

لماذا يستحي من أن ينتسب إلى السلفية؟

لأنَّهم دائمًا يعيرون السلفية بما ليس فيها، هجمة إعلامية تعير السَّلفية بما ليس فيها لتجعل من السلفي إنسانًا مهتزًّا غير قادر على التَّصريح واللهج بانتمائه السَّلفي؛ لأنَّه يعتقد أن الكل ضدَّه، والكل مخالف له، ومن هذا نجد أنَّ هناك بعض المشايخ لا سيما من الشباب؛ نجد أنَّ هذه الضغوط قد أدَّت إلى تراجعاتٍ كثيرة، وإلى انزياح كثير عندهم، والسبب هو هذه الهجمة وعدم توفر هذا المقوم لديهم.

ما هو خلاصة هذا المقوم الذي نتحدث عنه الآن؟

اليقين والاعتزاز بالمنهج.

حينما نقول: والله نحن نعتزُّ بالمنهج، تسأل تقول: لماذا نعتز بهذا المنهج؟ ما هي مبررات الاعتزاز بهذا المنهج؟

مبررات الاعتزاز بالمنهج أولاً: أنَّه المنهج الوحيد الذي لا يستطيع أحد أن يرد عليه ردًّا صحيحًا، ولهذا نجد كلَّ الردود التي على السلفية كلها مشحونة بالأكاذيب، لا يستطيع أحدٌ أن يرد على السلفية إلا أن يكذب عليهم! تجدون عشرات الكتب تردُّ على المنهج، لا أتكلم عن التي ترد على آراء الأشخاص؛ فالأشخاص من السلفيين قد يكون لهم آراء، قد يكون لهم أخطاء، قد يكون لهم كذا…

وفرقٌ بين المنهج وبين الطريق، قد يكون في المنهج نفسه عدة طرق، يخطئ الإنسان فيها، يكون صوابًا؛ لكن ما دام على المهيع الواسع الصَّحيح فهو على الخير، وعلى الحق، فالكتب التي تردُّ على الأشخاص في آرائهم الخاصة، في آرائهم في بعض فروع الشريعة، في آرائهم في الصلاة، هذا وقع حتى بين علماء السَّلفية، يعني مثلًا أكبر علماء السلفية في هذا العصر، الثلاثة الكبار: الشيخ ابن عثيمين وابن باز والشيخ ناصر -رحمهم الله-، كم عدد المسائل التي اختلف فيها هؤلاء الثلاثة؟ التي اختلفوا فيها والتي أحصاها د.سعد البريك في كتابه: (الممتاز فيما اختلف فيه الشيخ الألباني وابن عثيمين وابن باز) أكثر من “255” مسألة خلاف بين هؤلاء الثلاثة المشايخ، فالخلاف بين هؤلاء في القضايا الفقهية، في الفروع، في تصحيح الأحاديث، في تضعيف بعض الأحاديث، في توثيق بعض الرواة، عدم توثيق بعض الرواة؛ هذه الأمور السلفيون أرحب الناس صدرًا بالخلاف فيها، وقضيَّة أن يرد عليهم أحد في مثل هذه المسائل هذا لا عجب، ونقول: السلفيون أنفسهم عندهم ردود على بعضهم في هذه القضايا؛ لكن الذي أقول أنه لايستطيع أحد الرد على السلفيين فيه، هو: المنهج، منهجنا في القضاء والقدر، منهجنا في الأسماء والصفات، منهجنا في التلقِّي عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وعن الصَّحابة، منهجنا في أصول الفقه، منهجنا في الدِّماء المعصومة وصيانتها -وهذه قضية كثيرًا ما يُفترى على السلفيين فيها- منهجنا في التَّكفير، عدم تكفير المسلمين، التحرز من التَّكفير، هذه الأمور كل من يزايد علينا وكل من يحاول الرد على السلفيين لا بد أن يلجأ إلى التَّزوير والكذب صَغُر أو كبر، أتكلم في المنهج وليس في تصرُّفات الناس.

فهذه القضية ألا تكون محل اعتزاز بالانتماء؟

هل أنتم تسلِّمون معي على أن من يردُّ على السلفيين في المنهج وليس في الآراء الشخصية الخاصة أو التصرفات الخاصة لا بد أن يحتاج إلى التزوير أو إلى الكذب والتدليس؟

طيب هل هناك أحد عنده إشكال في هذه القضية -ليس بالضرورة إشكال عنده هو- ولكن إشكال يستمع إليه في هذه القضية؟

مداخلة: قد يكون الشخص عنده شبهات، وليس يدعي أو يكذب أو يفتري على الدَّعوة السلفية، قد يكون عنده شبهات في قضية المنهج السَّلفي.

د. محمد السعيدي: الشبهات من الذي أطلقها؟

مداخلة: طبعاً أعداء السلفية.

د. محمد السعيدي: أعداء السلفية، الذين أطلقوها هم الذين كذبوا، يعني قضيَّة أن يحمل الإنسان بعض الشُّبهات عن المنهج السلفي ويغتر بها هذا معقول، يعني يغتر بشيءٍ يُطرح؛ لكن حينما نقول إنَّ هذه الشبهات يأتي أحدهم ويطرحها على أنَّها تمثِّل الحقيقة وتمثِّل الردَّ الصحيح: لا يوجد، لا يوجد أبدًا، وتأكَّد حينما تقرأ لشخص وتجد أنَّه يأتي ويصور مراجعًا ويصور كتبًا ويصور مقولات؛ اعلم أنَّه في نهاية الأمر إمَّا مدلس، أو مزيف، أو يختزل بعض الكلام ولا يأتي بالبعض الآخر، أو هكذا.. وجرَّبنا هذا في كثير ممَّن يرد على السلفية -كما قلت أعيد الكلام- من يرد عليها في قضية المنهج، في قضايا منهجية في منهجها وليس في آراء الناس أو أخطاء الناس.

فهذا محل اعتزاز ينبغي أن يمتلأ به السلفي قبل أن يقرأ الهجوم المكثَّف على السلفية، يجب أن يكون هذا راسخ عندك.

أنا أتمنَّى أن يكون النقاش حول هذه القضية بالذَّات لأن القضية مهمة بالنسبة لي، تعني لي الكثير.

مداخلة: أنا عندي بعض الأمثلة في هذا.. بعض المنتسبين إلى بعض الجماعات الإسلامية -الأشعرية وغيرهم- ينسبون كلامًا إلى بعض العلماء السلفيين مثل الشيخ ابن عثيمين أو الألباني أو ابن باز. عند الرجوع إلى المصدر تجد أن هذا يكون كذبًا وافتراءً حتى في النَّقل وليس فقط في التدليس، فإذا كان في النقل كذب فما بالك في التدليس؟ هذه بعض الأمثلة.

د. محمد السعيدي: هذا الكلام صحيح، جزاك الله خيرًا.

مداخلة: قضية الاعتزاز -بالنسبة لي- تكون في الهجوم وليس الدفاع فقط؛ لأن كثيراً من الإخوة السلفيين يكون في حالة دفاع عن النَّفس وهذا غير صحيح -والله أعلم-؛ لأن الأصل أن الذي على باطل هو الذي على غير منهج السلف الصالح، فبعض الناس دائماً في موقف الدفاع عن السلفية، وتصرفه ليس صحيحًا.

نقول للناس: لماذا أنت لست بسلفي؟ ما مشكلتك مع السلفية؟ ولا ننتهج الدفاع دائمًا؛ ليس السلفيون هكذا وليس السلفيون هكذا، فهناك ضعفٌ في قضية الاعتزاز إذا بقينا في خندق الدفاع.

د. السعيدي: البقاء في خندق الدفاع دائمًا يجعل المخالف هو المُحاصِر، يعني كأنَّك في حصن وهذا مُحاصِر، يومًا ما لا بد أن يُخترق الحصن، لايوجد حصار في التاريخ ينفضُّ عنه الناس بسهولة، بل الغالب أنهم يخترقون الحصن، فانفضاضهم عنك مستحيل، واختراقهم لك هو الممكن إذا استمريت تجعلهم هم المهاجمين، وفعلًا نقاط التشويه عند الآخرين، ونقاط الخطأ عند الآخرين هي الأكثر والأوفر.

مداخلة: هل لا يستطيع أحدٌ الهجوم على السلفية بسبب حجية مصادر السلفية، هل هي سبب؟

د. السعيدي: السبب يا أخي الكريم هو كما ذكرت، هذه القضية التي كنت أريد أن أتحدث عنها ثانيًا.

حينما تهجم على السَّلفية أنت في حقيقة الأمر تهجم على الإسلام الصحيح، وليس هذا من الإرهاب الفكري.

بعض الناس أنا قلت لهم هذا الكلام، قلت: أنت حينما تهجم على السلفية، تهاجم السلفية، تهاجم المنهج السلفي، فإنك تهاجم الإسلام الصحيح، تهاجم الصحابة -رضي الله عنهم-.

قال: لا، هذا إرهاب فكري.

إذًا أثبت لي أنه إرهاب فكري، هاجم لي قضيَّة من القضايا السلفية.

قال: قضية التَّكفير.

قلت: قضية التفكير! قل لي: فلان مكفر، وهات لي أمثلة من عنده، وليست عندي مشكلة فقد يكون مخطئًا؛ لكن أتكلم عن المنهج الصحيح، هل الإسلام تكفيري؟

حينما يفهم أناس السَّلفية فهمًا خاطئًا -مثل الجماعات التكفيرية التي عبثت بها أيدي المخابراتيين واستغلوا الجهل واستغلوا الحماسة- هل نحن نقوم ونتحمَّل نتيجتها؟

في إحدى المؤتمرات حضر الكاتب الشيعي: أحمد الكاتب، وكنت أنا وهو على الطاولة في هذا المؤتمر نقرأ أبحاثنا، فوجئت أنَّ بحثه يتكلم عن أنَّ الوهابية هي مصدر التكفيريين، وأنَّ التكفيريين خرجوا في ظلِّ الوهابية، وأنَّه قبل الوهابية لم يكن هناك تكفيريون ممَّا يدل على أنَّهم هم مصدر هذا التكفير، فأخذت الكلمة بعده وقلت: أيضًا الخوارج خرجوا من ضمن جيش علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وعلي بن أبي طالب حيٌّ يرزق، وخرجوا من ضمن جيشه، على كلامك هذا سيكونون صنيعة علي بن أبي طالب، وهم أقرب إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأقرب إلى علي بن أبي طالب منك ومني؛ إذًا هم الأصح منهجًا، فبهت في هذا الموضوع ولم يستطيع أن يجب، ولم يستطع أن يجيب أحد.

نحن حينما نقول: والله السلفية تتحمَّل كل هؤلاء الخوارج، فمعناه أيضًا أن نقول: إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أيضاً يتحمل عبء حرقوص بن زهير حينما جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: “اعدل يا محمد فإنك لم تعدل”([4]) وهكذا، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم عنه-: يخرج من ضئضئ هذا رجال حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، سيماهم التحليق، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم خيرا([5]) ، وفي رواية: “طوبى لمن قتلهم وقتلوه”([6]) .

إذًا هؤلاء الذين خرجوا في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- ثم في عهد عثمان ثم في عهد علي -رضي الله عنهم- هم صنيعة العهد النبوي وصنيعة العهد الرسالي! وهذا غير صحيح.

فأقول: كل من يهاجم السلفية في منهجها إنما هو يهاجم الإسلام.

الأمر الآخر: من الأمور التي تدعم المقوم الذي ذكرناه وهو اليقين والقوة: أنَّ السلفيين هم أهل التوحيد، فحينما تأتي إلى الجماعات الأخرى لا تجد جماعة تقر أو تطالب النَّاس بأعظم ما طلبه الله سبحانه وتعالى منهم وهو التوحيد، لا تجد جماعة تطالب بهذا الأمر أكثر من السلفيين، أليس كذلك؟

فالسلفيُّون هم الذين يطالبون الآن بالتوحيد، الذين يعترضون على السلفيين دائمًا يعترضون على قضية التوحيد، يعني مثلًا حين نقول لهم: لا تدعوا المقابر يغضبون، لا تدعوا الأموات يغضبون، فقط نقول لهم: ادعوا الله وحده يغضبون، لماذا؟

لأنه يريدك أن تجيز التوسل، أن تجيز الاستغاثة، أن تجيز أن تجيز شدَّ الرحال إلى القبور، فما من جماعة إلا وهي كذلك، حتى الجماعات التي تدَّعي أنها جماعات عقلانية مثل الأشاعرة، وبقايا المعتزلة الموجودين لدى الزيدية ولدى الرافضة ولدى الإباضية، طبعاً هنا نتعجَّب أنَّ كل أصحاب البدع الكبار في الوقت الحاضر كلهم معتزلة، يعني الرافضة في جانب العقائد في جانب الإلهيات كما -يقولون- ما هو مذهبهم؟ مذهب المعتزلة. الزيدية نفس الشيء، الإباضية نفس الشيء على المذهب الاعتزالي، البقية من الصوفية وغيرهم كلهم على المذهب الأشعري في جانب الإلهيات، طيب هؤلاء يدَّعون العقل أليس كذلك؟

هؤلاء الذين يدعون العقل كلهم يجيزون أن تتوسَّل بميت، فهل هذا داخل في العقل يا إخوان؟

زِنها زِنَةً عقلية فقط؛ أن تذهب وتتوسل وتقول في دعائك: اللهم بجاه سيدنا محمد، اللهم بجاه الولي الفلاني، عقلاً يصح أو لا يصح؟

أنتم تقولون لا يصح، أريد بيانًا عقليًّا، تدليلًا عقليًّا على أنَّه لا يصح، أحدكم يعطني دليلًا عقليًّا على أن هذا لا يصحُّ عقلًا؟

مداخلة: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ} [النمل: 80].

د. السعيدي: جيد، ولكن هو يدعو الله وحده، ويقول: يا رب بجاه العيدروس أسألك أن ترزقني الذرية، يا رب بجاه سيدنا محمد أسألك أن تغفر لي ذنبي، هذه عقلاً كيف لا تصح؟ طيب هو يدعو الله! هذه يجعلونها هم من تدليساتهم؟ كيف لا تصح عقلًا؟

يا أخي الكريم أنت حينما تدعو الله هل مع جاه الله عز وجل جاه آخر؟

يعني محمد صلى الله عليه وسلم على عظمته أليس عبدًا نبيًّا قال: “لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم إنما أنا عبد الله ورسوله”([7]) أليس كذلك؟ فعقلًا تذهب إلى صاحب الجاه العظيم، صاحب النِّعم الذي خلق السموات والأرض وما بينهما وما فوقهما ممَّا نعلمه وممَّا لا نعلمه، ثم تترك هذا الجاه العظيم وتقول جاه محمد؟! أليس في هذا استنقاصٌ لله عز وجل وتعظيمٌ للمخلوق؟

هذه القضية التي يقال أنَّها أخف مسائلهم وهي قضية التوسُّل، وإذا أتيت إلى الاستغاثة فهي أعظم، وتأمل: حين تأتي إلى المسافة بين الأرض وبين الشمس كم المسافة؟ لا أدري كم مليون، أشياء تُذهب العقل، تصيب الإنسان بالذهول، المسافة بيننا وبين الثريا لا أدري كم مليارات الكيلومترات، الثريا عبارة عن نقاط صغيرة بجانب بعضها، هذه النقاط يقول الفلكيون أنَّها مجرات أخرى أنت تراها بهذا الحجم، والمسافة بين النجم والنجم لا أدري كم مليون كيلو متر، يعني هذا الخلق العظيم ما يمثل عندك جاهًا حتى تذهب تسأل بجاه محمد صلى الله عليه وسلم؟!

ومن المؤثرات العقلية: لو كان خيرًا لسبقنا إليه من يحبون محمدًا -صلى الله عليه وسلم- أشدَّ من محبتنا إياه، فنقول: قضية العقل هذه؛ السَّلفيون هم الأحرى بها، وهؤلاء يدَّعون العقل، أعطيكم مثالًا: تعرفون مسألة التَّحسين والتقبيح العقلييين أم لا تعرفونها والخلاف فيها بين الأشاعرة والمعتزلة وأهل السنة؟

الأشاعرة الآن ومنهم صوفية الأشاعرة يقولون لك: هذا الإنسان عاجزٌ عقلُه عن التحسين وعن التقبيح، فلا يستطيع الإنسان معرفة الحَسَن ومعرفة القبيح، فالقبيح هو ما قبَّحه الشرع والحَسن هو ما حسَّنه الشرع، إذن كيف كانت قبل تقبيح الشرع، وقبل وجود الشرع؟ يقول لك: لايوجد حسن ولا قبيح، فالكذب -يقولون- إنَّما عُلم قبحه من الشرع، إذًا قبل الشرع؟ يقول: لا أدري هل الكذب قبيح أو ليس قبيح!

فالزنى؟ قبل الشرع لا نعلم هل هو قبيح أم ليس بقبيح!

أليس هذا بتعطيلٍ للعقل؟ الذين يقولون بالتحسين والتقبيح العقليين من هم؟

أهل السنة أتباع منهج السلف الذين يقال إن هؤلاء ليس عندهم عقل أو لا يقدِّرون العقل؛ يتبين لك العكس، هؤلاء الذين يُقال لا يقدرون العقل، هم الذين يقدرون العقل حقيقة.

ما هو -يا أخي الكريم- أسوأ في إرذال العقل من أن تقول إنَّ العقل لا يستطيع أن يعرف ما هو الحسن وما هو القبيح؟ حينما يقال لك يا فلان: أنت والله لا تعرف الحَسَن ولا القبيح، هل هذه سبَّة؟ هل هذا مديح لعقلك أو ذم له؟ ذمٌّ لعقلك، بل هو ذمٌّ لذات الله عز وجل؛ لأن الله الذي يقول: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10) فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ } [البلد: 10، 11] يعني: الله هداك للخير والشر أصلًا، ركزها في طبعك، في قدراتك، المجتمعات الكافرة غير المسلمة الوثنية كلها تُجمع على الأخلاق، على أنَّ الزنى قبيح، على أنَّ الكذب قبيح، وعلى أنَّ الصدق حسن، على أنَّ العفاف حسن، طيب كيف اجتمعت هذه الملل؟

يقولون: لا، هذه الملل عندها أثرة قديمة من دين!

هؤلاء نسوا الدين، نسوا الله تمامًا فما بالك بالزنى، صاروا يعبدون البقر بدل رب العالمين، يعني أنهم نسوا هذه المسألة العظيمة وبقيت عندهم قضية أنَّ الزنى قبيح؟ لمَ لم تبقَ أنَّ الألوهية من الدين؟ لمَ لمْ تبقَ الأمور الأعظم؟

فهذا الرمي دائماً للسلفية بأنهم لا يحسنون استعمال العقل ممَّا يضعف يقينك وانتماءك وفخرك بالاعتزاز بهذا المنهج، لكن حينما تعرف خصائص الأمر الذي أنت عليه فعلاً تعتزُّ وترفع رأسك بهذا الأمر، وتتكلم بملئ فيك وتقول هذا الكلام.

هذا المقوم أطلنا فيه وهو اليقين.

أحب أن أضيف إليه -ثالثًا- حتى لو لم يكن في المحاضرة إلا هذا المقوم أعتقد أنه ربما يكون فيه نفع ويغطي بقية المقومات: السلفية أو السلفيون هم أولى الناس بالدَّليل دائمًا، حينما تجد الدليل الذي هو النَّص في الكتاب والسنة تجد أنَّ السلفيين معهم الكتاب والسنَّة، معهم نصُّ الكتاب والسنة.

هؤلاء الآخرون أليس معهم كتاب وسنة؟

نقول: معهم تأويلُ الكتاب والسنة، أما نصُّها فمع السلفيين، يعني حينما يقول السلفيون: لا تدعُ مع الله إلهًا آخر ولا تدعُ غيره، بماذا يستدلون؟ بقول الله عز وجل: { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18] هذا نصٌّ واضح أم ليس بواضح؟ واضح.

أما هؤلاء الذين يتوسلون بالقبور أو يستغيثون بالقبور فيأتون بآية: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: 64] ويقولون لك: هذا يدل على أنه يجوز أن يذهبوا إلى الرسول. هذا نصُّ القرآن أم تأويل خاطئ للقرآن؟ تأويلٌ خاطئ للقرآن. تقره اللغة أو لا تقره اللغة؟ لا تقره اللغة. لماذا لا تقره اللغة؟ لأمرين:

الأمر الأول: أن الآية ليست ولو أنَّهم (إذا) ظلموا أنفسهم، وهناك فرق بين إذا وبين إذ؛ لأن إذ هي للحال وإذا هي للاستمرار فحينما قال (إذ ظلموا أنفسهم) دلَّت على أن الآية نازلة في واقعة لا تتجاوزها، (فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول) وهو حي؛ لأن الكلام يتكلم عن واقعة، هذا الأمر.

الأمر الآخر في هذه الآية: قال الله سبحانه وتعالى: (جاؤوك) هي للحاضر، ولم يقل جاؤوا قبرك، فيأتون هم ويستخرجون ويقولون لك: لا، الرسول حي وهو في قبره، ويبدؤون في العبث في التأويل.

فنقول: أسعد الناس بالدليل هم السلفيون في كل شيء؛ في التوحيد، في الأعمال، في التنسك.

المقوم الآخر في ظل المتغيرات الحديثة والذي ينبغي أن يكون ملازمًا للشخصية السلفية، هو: الصبر.

لماذا اخترنا الصبر دون سائر المقومات التي هي مقومات المسلم؟

نحن نريد أن نتكلم عن ما يهمنا في ظل المتغيرات الحديثة، الذي يهمنا في ظل المتغيرات الحديثة هو: الصبر.

لماذا اخترنا الصبر يا أخوان؟

مداخلة: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [لقمان: 17]

د. السعيدي: نعم، (إن ذلك من عزم الأمور) السلفيون الآن في وقتنا الحاضر عرضة لهجوم الجميع عليهم كما تكلمنا عن ذلك وكما لا يخفى على الجميع، والآن تنوَّعت مصادر النقد ومصادر الافتراء، يعني في الزمن السابق كان أحد المغرضين يقوم بتأليف كتاب، وهذا الكتاب يطبع طبعات قليلة لا يصل إلَّا لأهل العلم، الآن ما الذي يحصل؟

لم يعد العلماء هم الذين ينتقدون السلفية؛ وإنَّما أصبح عامة الناس، وصغار الناس، ومجاهيل الناس! الكل يتكلم والكل ينتقد، في الزمن الماضي كان المستهدف بنقد السلفية من؟ كان العلماء؛ لأنهم يؤلفون كتبًا حتى يرد عليه أحد علماء السلفية، الآن المستهدف بنقد السلفية هو الشَّاب السلفي، هم لا يستهدفون إسقاط العلماء، الآن تغيرت القضية، يستهدفون تفريق الناس عن أهل العلم، وتفريق الناس عن المنهج، إضعاف قوَّة المنهج في نفوسهم هو المستهدف؛ لأنَّ الشاب الآن صار يقرأ، كلكم تدخلون مواقع إلكترونية، كلكم تقرؤون، وكلكم ترون هذا الهجوم الكاسح، الكل يقرأ ويرى الهجوم الكاسح عامة.

بين عشية وضحاها تجد شخصًا ظهر واشتهر، وتلقَّته وسائل إعلام معينة، وأصبح هناك ترويجٌ له، كأنك تشعر أنه مدعوم من جهات خفية، سرعة ظهوره وسرعة انتشار أشرطته أو تعليقاته أو اليوتيوب الذي يصدره تجعلك تتشكك من أين ظهر وكيف ظهر؟ لذلك المستهدف الآن هو الجميع، كان العلماء في الزمن الماضي يحملون عبء الدعوة، كان العلماء هم الذين يُهاجمون وهم الذين مسؤولون عن رد الناس؟ طلبة العلم لا يستهدفون، طلبتهم قائمون بأعمالهم، يكفي أن يقول الشيخ: لا تشترون هذا الكتاب فلا يشترونه، الآن تغير الوضع.

إذاً المطلوب الصبر، الصبر على ماذا؟

الصبر على هذا المنهج {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [لقمان: 17] هذا هو العزم، الصبر ذكر في القرآن كما يقال “92” مرة، هو صبر للداعية على دعوته، صبر المسلم على إسلامه، صبر له على إيمانه، صبرٌ على ما يصيبه من نقدٍ وتجريحٍ وربما إهانة، ومحاولة زعزعة القيم في نفسك، محاولة تشكيكك.

نتحدث الآن عن هذا الصبر وعن فوائده، فوائد الصبر بالنسبة لنا، فمن يعطينا تجربة له مع الصبر في قضايا ما يصيب السلفية من نقدٍ وهجوم؟ من يرى أن الموضوع هذا مثمر وأنه حقيقة مقوم ضروري من مقومات الشخصية السلفية؟

مداخلة: حصل لي موقف مرة، كنت مرة في عمرة من العمرات وكان معنا أخٌ مصري، ولم أكن أعرف أنه تابع لجماعة الإخوان المسلمين، وأنه كان في تركيا، فبدأ هذا الشخص يتهم السلفيين في عدم عنايتهم بأمور الأمة، وأنَّ الإصلاح يكون من الأعلى وليس من الأسفل، وكان يدعو إلى المناظرة ويقول: ائتوني بشيخ من مشايخكم لأناظره، وكانت هذه الأمور ليست واضحة عندي مع حبي للسلفية، ولم أستطع الرد، فكنت بحاجة إلى صبر واستشارة، فهذه الأمور المنهجية وخاصة ما يتعلق بالسياسة يحتاج إلى صبر كبير.

د. محمد السعيدي: أحسنت، هنا الأخ يفيدنا في قضية الصبر، ليس بالضرورة إذا ألقى أحدهم شبهة وعجزت عن الرد أن يتزعزع يقينك! بعض الناس وهذا الأخ -جزاه الله خيرًا- صبر، أما بعض الناس حينما تأتي إليه قضية لا يعرفها، أو شبهة لا يستطيع أن يردها، فإنه مباشرة تتزعزع عنده القيم، ويبدأ يتهاوى قليلًا قليلًا حتى يبتعد عن المنهج، وهذا يلزم أن ننبهه إلى قضية الصبر، ليس كل شبهة لا بد أن تردَّ عليها أنت، ليس كل ما قيل عن الإسلام يجب أن تعرف جوابه، قد يأتي نصراني ويقول عن الإسلام قولاً أنت لا تعرف جوابه.

قال أحد النصارى: الكتاب المقدس عندكم الذي هو القرآن فيه كذب، كيف فيه كذب؟ قال: القرآن يقول: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ } [الأحزاب: 4] وكذلك المرأة ليس في جوفها قلبان فلمَ خُصص الرجل؟ فتخصيصه دليل على أنه ليس من عند الله، وهذا الكلام العجيب قالته شابَّه نصرانية يبدو لي أنَّها قرأته من كتب المستشرقين أو غيرها، قالته في صالة المحاضرات التي يحاضر فيها: محمد أبو زهرة، وحينها قال لها محمد أبو زهرة: لا أعرف في ذلك جوابًا أو كلامًا لأهل العلم، ثم أجابها على البديهة: صدق الله وكذب ظنك، المرأة تحمل ويكون في جوفها جنين، وهذا الجنين فيه قلب، فيكون في جوفها قلبان.

فلو أنَّ هذه القضية طُرحت على شاب لم يكن عنده هذه المعرفة مثلًا وبدأ يتضايق منها ولم يصبر، ألا يتزعزع عنده اليقين؟ بلى يتزعزع إذا لم يصبر، وكثير من الشبه تطرح هكذا تباغت الإنسان فإن لم يجد ردًّا لها ضعف أمامها.

هل هناك تجربة أخرى تعاضد تجربة الأخ في قضية الصبر؟

مداخلة: نحن لو نظرنا إلى بعض المجتمعات قبل ثلاثين أو أربعين سنة، لرأينا أن كثيرًا من الناس بعيدون عن مظاهر الالتزام، ومتابعة السنة؛ ولكن بفضل الله ثم بصبر المشايخ والدعاة تغيرت كثير من الأمور، وحفظوا المجتمعات من أن ينساقوا إلى جماعات منحرفة سواء كانت غالية أو منحلَّة، فنحن نرى الآن العودة إلى الالتزام بالسنة وانتشار الحجاب واللحى والاحتشام وغير ذلك، وكل ذللك نتيجة الصبر في الدعوة إلى الله.

د. السعيدي: أحسنت، فمثلًا نجد في بلدة من البلدان العربية أنَّ الأضرحة كثيرة جدًّا، يوجد في كل مكان ضريح، في كل مسجد ضريح، حتى أني زرت هذه البلدة في سنة 1407هـ يعني سنة 1987م وكان معي سائق، وكنت أقول له: أريد مسجدًا ليس فيه ضريح، وكل ما أوقفني عند مسجد ودخلت قالوا: هذا مسجد الولي فلان، وبالكاد استطعت أن أجد مسجدًا؛ بل ليس مسجدًا وإنما زاوية كما يسمونها في تلك البلاد، وجدت زاوية ليس فيها ضريح، كانت عبارة عن مصلى تحت عمارة، كان هذا في عام 1987م، الآن ولله الحمد هذا البلد عينه بالرغم مما يقال من مظاهر التغريب والتغيير، وبالرغم من تقوية المتصوفة ودعمهم، الآن تجد المساجد التي بنيت على الأضرحة حتى كبار السن يتحرجون من الصلاة فيها، وبدأ الناس حتى غير المتدينين الذين ليس عندهم التزام وليس عندهم تدين إذا أراد أن يصلي في المسجد يتحرج من الصلاة في المساجد التي على القبور، فعلاً الصبر هو الذي يؤتي الثمار.

مداخلة: هي ليست تجربة لي لكن كمثال حضر في ذهني: الجماعة الإسلامية في مصر لما سجنوا، بعد سنوات أصدروا كتب المراجعات، ثم بعد ذلك اتضح أن كتب المراجعات هذه أغلبها يوافق المنهج السلفي، فلو أنهم صبروا مثل صبر السلفيين على العلم الشرعي وعلى الضوابط الشرعية لكانوا خرجوا بمثل هذه النتيجة بدون هذه التنقلات الفكرية.

د. السعيدي: أحسنت، أقول لك: إن الجماعة الإسلامية في مصر حينما خرجت تراجعت بالدعوة مسافات بعيدة إلى الوراء، كانت الحكومة في عهد السادات قد بدأت تقدم للدعوة مساحة كبيرة جدًّا، وتعطيهم التراخيص والأذونات والسماح والتيسير والتسهيل، ولم يكن هناك أحد يمانع مثل هذا الأمر، بل كان المتدينون لدى الدولة أكثر مصداقية من اليساريين، في ذلك الوقت كان اليساريون هم أعداء الدولة، وكانت الدولة تراعي مصالح الإسلاميين؛ لأن البديل عنها هم اليساريون بمختلف أشكالهم سواء كانوا شيوعيين أو كانوا مجرد اشتراكيين بمختلف الأشكال، فكانت هناك مساحة جيدة؛ لكن العجلة رجعت بهم بل وبالجميع.

من المقومات ولعله يكون الأخير وليس ببعيدٍ عن الصبر، وهو: عدم الإدهان.

ما معنى الإدهان؟

تقديم تنازلات عن الدين لأي مصالح أخرى، الله عز وجل يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا} [الإسراء: 73]، وفي الآية الأخرى: {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} [الإسراء: 74]، يعني الرسول -صلى الله عليه وسلم- أعطته قريش من التنازلات ما لو عرض على مثل الجماعات السياسية في الوقت الحاضر لرأوا فيها فرصًا أليس كذلك؟

أعني: التي يسمونها جماعة الإسلام السياسي، نحن نعترض على التسمية؛ لأن السلفية أيضًا إسلام سياسي، فالسلفية فيها سياسة، بل السلفية هي أعمق غورًا وأسرع إنتاجًا في قضايا السياسة، لكن نتكلم عن المصطلح كما هو، وعلى كل حال لو عرض عليهم لكانت فرصة أليس كذلك؟

دعنا نعبد إلهك عامًا واعبد إلهانا عامًا، كان من الممكن أن يقول: في السنة التي يعبدون فيها إلهانا نجتنبهم فيها، ثم السنة التي تليها لا نعبد إلههم؛ لكن الله عز وجل نهاه -صلى الله عليه وسلم- عن أن يركن إليهم شيئًا قليلًا، فقضية الدين لا يُتنازل عنها ولو شيئًا قليلًا.

قد يقول قائل: وكيف تقول في قضية التدرج؟

نقول: إما أن يكون التدرج في التشريع كما حصل في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو التدرج في تطبيق الواجبات من باب عدم الإثقال على الناس، يعني أن تعطيهم أركان الإسلام أولاً ثم تعلمهم الواجبات، وهو التدرج في التعليم، أمَّا التنازل عن أركان الدين وعن فروض الدين، والتنازل عن المحرمات، وادعاء أن الشذوذ ليس بحرام، والزنا ليس بحرام، وتصدير قوانين بذلك بحجة التدرج فهذه ليست تدرجًا.

فأتباع منهج السلف يقدمون الإسلام كاملاً، وليس لديهم نفاق لدول غربية، وهذه فائدة قضية أنَّ الدعوة تبدأ من الأرضية ولا تبدأ من السقف، أعني حينما انشغلت بعض الجماعات الإسلامية في قضايا التغيير السياسي وجدت أنها بحاجة كي تدخل مجال السياسية إلى التَّنازل، حتى إن أحد روؤساء الجماعات الإسلامية في بلدة عربية سُجن من أتباعه كثيرون، مساكين؛ بعضهم سجن 15سنة، وبعضهم 20سنة، وبعضهم دخل السجن وهو ابن 15سنة وخرج من السجن وهو ابن أربعين سنة، يعني جلس في السجن 25سنة، سجن لماذا؟ سجن لأنه يطالب بدولة إسلامية لا علمانية، لا يريد العلمانية، هو ضد العلمانية، وهذا قد لا يعرف ما هي العلمانية، لكن يعرف أن العلمانية مضادة للإسلام، فناهض من أجل مكافحة العلمانية، ثمَّ لما خرج فوجئ بشيخه الذي دخل هو السجن من أجل دعوته ونبذ العلمانية يقول: العلمانية هي جزء من الإسلام والإسلام دين علماني! إذن لماذا أنا سجنت 25 سنة؟ لماذا هذا الكلام؟

لأنهم يبدؤون من الأعلى، لا يبدؤون من القاعدة، إذا بدأت من الأعلى تضطر أنك تتنازل لأن السياسة سيزاحمك عليها أناس آخرون وتدخل في المزاحمة وتداخل في قضية التجاذبات الدولية، وتدخل في أشياء كثيرة، وتبدأ تفرط في الدين، وفي ثوابت الدين، وهذا مشهور معروف؛ لكن حينما تبدأ في القاعدة، أنت في القاعدة لا يُطلب منك سياسة، ولا يطلب منك اتخاذ قرارات مناهضة للمجتمع الدولي، وإنما يطلب منك هذا الإنسان أن تعلِّمه توحيد الله عز وجل، تعلمه أركان الإسلام وأركان الإيمان وأركان الإحسان، وتدربه على هذه الممارسة، وتقوم معه بعمل دعوي، وتدربه على الصلاة، وتدربه على النوافل، وتدربه على الأعمال الروحية، أعمال القلوب تدربه عليها، حينما تفعل ذلك يكفيك، هذا هو الذي يطلبه الفرد منك، فحينما تشيع هذا العلم في المجتمع سوف يتغير الجميع، حتى السياسات سوف تتغير لصالحك، ولكن حينما تبدأ أنت من فوق؛ تبدأ أنت تتغير من أجل السياسات، وهذا هو الإدهان.

أمرٌ أخير أختم به لقاءنا وأنتقل بعده إلى الأسئلة، وهو قضية يهملها السلفيون في الوقت الحاضر كثيرًا للأسف، وهي: أعمال القلوب.

أعمال القلوب مع شدة زحام الردود وزحام النقد وزحام الاتهام أصبحت هذه القضية يضعف عند السلفيين تدريب أنفسهم عليها.

أعمال القلوب من أعظمها -أيها الإخوة-: المحبة، بقية أعمال القلوب من الخوف والرجاء والزهد والعمل للآخرة، هذه كلها لا تخفاكم؛ لكن أريد أن أضرب مثالاً حتى لا أطيل، وهو قضية الحب.

الحب -أيها الإخوة- إحدى العبادات، لكن للأسف الآن نحن لا ننظر للحب كعبادة، يجب علينا أن نتعبد الله بالحب، الحب ما هو؟

الإعلام والمسلسلات والأفلام الآن اختصرت لنا الحب في تعلق الرجل بالمرأة وتعلق المرأة بالرجل، هذا الحب لديهم؛ لكن الحب في المفهوم الإسلامي هو: “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”([8] متى يصل الإنسان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه؟ ما يصل إلى هذا إلا إذا أحبَّه كأنه ولده، كل إنسان فينا من هو الشخص الذي يحب أن يصيبه من الخير ما أصابه بل أعظم مما أصابه؟ الابن.

إذًا الإسلام يدعوك إلى أن تحب الناس كأنهم أبناؤك، وهذا الحب حينما تحبُّ الإنسان كأنَّه ابنك، وتحبُّ له ما تحب لنفسك، ماذا يضيف إليك من الصفات؟

يضيف لك من الصفات الشيء الكثير، أول شيء: أنك لا تؤذيه ولا تجرحه بكلمةٍ، ولا تسيء إليه بلفظ، ولا تسيء إليه بعمل؛ لأنك تعلم أنَّ هذا الجرح بالكلمات والألفاظ والأعمال لا تحبه أنت لنفسك فلا تحبه له.

يجعلك أيضاً تتغاضى عن أخطائه، بمعنى أن واحدا تختلف معه في قضايا، واحد مسلم ومؤمن ويصلي معك في المسجد؛ لكنه ينتمي إلى جماعة إسلامية ليست سلفية، ما الذي ينبغي عليك؟

ينبغي عليك أن تحبَّه، الحب ليس مقصورًا، الحب للمسلم بقدر إيمانه وبقدر إسلامه، أنت مطلوب منك أن تحبه، قضية أن تنتقده وأن تختلف معه لا يمنع أن تحبه، الآن للأسف -على سبيل المثال- نجد أحدًا يتوفى من غير السلفيين، أو ممن كانت له مناوءة للمنهج السلفي، فحينما تتكلم عنه بأدب، أو حينما تقول “رحمه الله” إذا مات، تجد أن هناك من الناس من يقول: كيف تترحم على مثل هذا؟

يا أخي هذا مات يقول “لا إله إلا الله محمد رسول الله”، ويقيم أركان الإسلام الخمسة، أختلف أنا معه في قضايا لكن لابد أن أترحَّم عليه، لماذا أترحَّمُ عليه؟ من منطلق أنِّي أحبه.

كما أنَّ الحب -أيها الأخ- هو الذي يجعل الناس يأتلفونك، ويجعل الناس يتبعونك، ويجعل الناس يقتدون بك.

الحب يضيف إليك حسن الخلق، حينما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “وتبسمك في وجه أخيك صدقة”([9]) ويقول: “لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق”([10]) ، الوجه الطلق والتبسم ليس نفاقًا وتمثيلًا، ينبغي أن يكون الابتسام ناتجًا عن محبة حقيقية، أما إذا كنت أنت تبتسم في وجوه الناس لمجرد أنَّك تمتثل للأمر، وفي حقيقة الأمر ليس هناك باعث، وإنما تغير فقط في معالم وجهك دون أن يكون هناك باعث حقيقي من القلب وتظنُّ أنك اتبعت النص، فهذا ليس مقصود النَّص، المقصود بالنَّص أن يكون لديك باعثٌ قلبي، قال صلى الله عليه وسلم: “لا أخبركم بشيء إن فعلمتوه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم”([11])، وقال: “لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا”([12])  يعني: الإيمان نفسه واقعيًّا مشروط بالتحابب؛ لأن من لا يحب المؤمنين في الحقيقة لن يتحقق له الإيمان الكامل أو الإيمان المؤدي للغرض.

أتوقف هنا ونفتح مجال الأسئلة إن كان هناك أسئلة أو مداخلة يحب أن يضيف شيئاً، نفرح بالإفادة من الإخوة.

السؤال: شيخنا بالنسبة للعقل، وكيف أنَّ الجماعات الأخرى لا تستخدم العقل بالطريقة الصحيحة، ذكرتم مثال الاستغاثة بالأموات، ألا يصح أن نرد عليهم ونقول: الميت لم يعد في عالم المشاهدة لنتعامل معه؟

د. السعيدي: بلى، نقول لهم: هذا في عالم الغيب وعالم الغيب له فيزياؤه الخاصة كما قلنا أمس، صدقت، أحسن الله إليك.

السؤال: بالنسبة لقضية الحُب، هل من المفترض أنها تزيل الحقد والحسد من قلب المسلم المحب؟

د. السعيدي: أحسن الله إليك، هذه إضافة ممتازة، فمن آثار الحب على الإنسان أنه يمحق الحقد، لاحظ الحب والحقد يبدآن بحرف الحاء، والحق والحقد مشتركان في حرفين ويختلفان في حرف واحد، فهذه الأمور لا تجتمع دائمًا في قلب واحد، الحب والحقد لا يجتمعان، والحق والحقد لا يجتمعان، فمن كان حقودًا فهو يبعد عن الحق بقدر ما في قلبه من الحقد، ومن كان محبًّا فهو قريب من الحق بقدر ما فيه من الحب.

السؤال: حدث في تونس -مثلًا- تنازلات عديدة في فتاوى الغنوشي حول المثلية وما شابهها، وكل ذلك لأن مسألة الحكم صارت عندهم أولى من الدين.

د. السعيدي: صحيح، هم الذين كنت أقصد حينما ضربت المثال قبل قليل، لم أكن أشأ التصريح وجزاك الله خيراً كنت أجرأ وأشجع في هذا، هم الذين كنت أقصد، وللأسف فإن من أتباع هؤلاء من لو أخطأ السلفيون، أو أخطأت السعودية في خطأ ما، ولا يصل إلى الاستحلال، وإنما أخطاء لا تقر، ومع ذلك تجدهم يقيمون الدنيا ولا يقعدوها.

أما هذا فيفتي بأشياء عن بيوت العراة، أو أندية العراة، ويقر بوجودها، ويرى أن وجودها لا يتعارض مع الحكم الإسلامي، ولا يتعارض مع الشرع الإسلامي، وأن الخمر وشراءه وشربه في البيوت سائغ، ويقول: المهم لا يشرب في الشارع، لا يكون سكرانًا وهو يمشي في الشارع، ومع هذا كله نجد أن أتباعهم ومحبيهم لا يرفعون بذلك رأسًا ولا ينتقدون ولا ينكرون، وهو دليل على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصبح سياسيًّا، ولم يعد لذات المنكر أو لذات الحق.

ــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) أخرجه الإمام أحمد في مسنده برقم (22291).

([2]) أخرجه ابن ماجه في سننه برقم (43)، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه بنفس الرقم.

([3]) أخرجه الإمام أحمد في مسنده برقم (15417).

([4]) انظر سنن ابن ماجه، حديث رقم (172).

([5]) انظر في هذا المعنى ما أخرجه البخاري في صحيحه برقم (3611، 5057، 6930)، ومسلم برقم (1066)، وأحمد في مسنده برقم (1086).

([6]) أخرجه أبو داود في سننه برقم (4765)، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود بنفس الرقم.

([7]) أخرجه البخاري برقم (3445).

([8]) أخرجه البخاري برقم (13) ومسلم برقم (45).

([9]) أخرجه الترمذي برقم (1956).

([10]) أخرجه مسلم برقم (2626).

([11]) انظر صحيح مسلم (54) بلفظ: “أولا أدلكم”.

([12]) أخرجه مسلم برقم (54).

التعليقات

رد واحد على “بناء الشخصية السلفية في ظل المتغيرات[محاضرة مفرغة]”

  1. يقول فايز علي:

    انا ارى ان هناك اسباب اخرى ادت الى هذا الهجوم على المنهج السلفي وهي من جعلت الخصوم يجتمعون عليه وهي كما يسميها الامام العثيمين حزب السلفية ويقصد بها كما قال هذه الجماعة التي تطعن وتقدح وتبدع وتفسق وتصطف في الخندق المعادي لاغلب التيار الاسلامي وهي وسيلة لصد الناس عن منهج السلف استغلتها بعض الدول كما اوصت راند الامريكية بهذا من اجل وقف تمدد المنهج السلفي وقد نجحت الى حد كبير حتى ان اتباعها اصبحوا يطعنون في بعضهم لا بل زاد الامر الى ان طعن التلاميذ في شيوخهم وهذا اولا .
    الامر الاخر هو ربط المنهج السلفي بدول خاصة في هذا الزمن وهذه الدول على خلاف سياسي مع بعضها ولذلك تفرق التيار الاسلامي بين معسكرين وبعضهم انخدع في هذا فاوغل في الخلاف وبعضهم اعتبر العداء لمنهج السلف مع انه خلاف سياسي مما جعل الطرف الاخر يعتبر منهج السلف عدوا له لذلك اصبحوا ينتقدون ثوابت بجهلهم ولذلك لم يصطف الشيخ الالباني في حرب الخليج مع السعوديه والخليج بل اصطف ضد مااعتبره انه استعمار لبلاد السنه وكان ما قال صحيحا وقد راى الجميع ذلك في العراق وان ما قاله مشايخ السعوديه كان غير صحيح كما شهد الواقع لكن الشيخ الالباني ومشايخ السعودية لم ينتقدوا المنهج بل اعذر بعضهم بعضا لان هذا الظن الحسن وكان اجتماع الصف وعدم التفرق مع ان طوائف اخرى اعتبرته خلل في المنهج لكن هذا حال البشر.
    ومع هذا بقي اناس كثيرون يحافظون على المنهج ولا يربطونه بدول بل يربطونه بمصلحة المسلمين كما نشاهد في ليبيا وسوريا واليمن والعراق والخلاف السعودي القطري التركي فكان فريق يوالي مصلحة المسلمين في تلك الدول في حين ان كثير من المتعصبة من تيارات عدة انقسموا الى معسكرين يدعمون ظلمة وفجرة ويهود وشيعة وعلمانيين بسبب هذا الاصطفاف المشؤوم ولهذا يجب على السعودية ومصر والامارات وتركيا وقطر ان يتصالحوا مع بعضهم وان يعيدوا علاقاتهم مع التيار الاسلام ومع الثوار في ليبيا وفي سوريا والعراق واليمن وفلسطين ومع الاسلامين بشكل عام ومع حماس وعلى الجميع ان يتصدى للمشروع اليهودي الشيعي الذي تلعب على حباله الدول العظمى في الشرق والغرب والا كان مصير الخليج والاردن وفلسطين وغزة كمصير العراق للاسف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.