آخر الأخبار

آتاه الله الملك.
آتاه الله الملك.
يجد المرؤ أمامه دون بحث في هذه الأيام التي نتحدث فيها، اشتعالَ مواقع التواصل الاجتماعي بموادَ كثيرةٍ جداً وأكثر من أي وقت آخر في نقد النظام السعودي ، لا سيما مع هذه الزيارة الميمونة التي قام بها ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ؛ وموجود أيضا أصوات كثيرة من الداخل والخارج ولحسن الحظ تقدم رؤية طيبة بل ممتازة لهذا النظام وتثني عليه ، لكن كثرة المُشَاقِّين في هذه الظروف يُخشى أن يكون لها عواقبُ سيئةٌ ليس على الدولة ولله الحمد ، لكن على الأغرار وعديمي المعرفة وقليلي التجربة من أبنائنا ، لذلك أحببت أن أكتب في هذا الأمر بعد استقراء لمعظم ما يقال أو يُكتب عن هذه البلاد ، ولم أجد سوى كلاماً مجرداً عن الحقيقة تولى ناشطو الإنتر نت من السعوديين الرد عليه فأبدعوا ، والحق أنني لم أجد هذه الفِرى والردود عليها في إعلامنا الداخلي ، ولعل تنقية الإعلام من هذه الدخائل وحصرها في وسائل التواصل حجةٌ كافية في الخروج من هذه القضية .
ولعليّ هنا أتحدث عن نظام الحكم الملكي ،كنظام تاريخي يهاجم الآن ، وقد قيل عنه كثيراً، وكونُه لا يصلح ليكون مناطاً للحكم في العصر الحديث الذي أصبح أهله أكثر وعياً بما يحيط بهم ، وأكثر إحاطة بواجباتهم وحقوقهم ، فليس من حق أسرة من الأسر ولا قبيلة من القبائل أن تنتدب نفسها لحكم سائر الناس ، وليس ذلك إلا بحد السيف ، أو كما قيل: بالسيف الأملح .
كما أنه مخالف للحكم في الإسلام الذي يقوم على الشورى كما تولى عثمان وعلي بن أبي طالب وهم أعدل من كان في زمانهم ، فكيف بمن سواهم .
وهذا الكلام لم يوجد إلا في العصر الأخير ، حين ظهور الحكم الديمقراطي وانخداع الناس به ، مع أنهم يرون حال الناس في البلدان الراسخة في الديمقراطية كفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة ، من تفشي الفقر بصور مرتفعة جداً وظاهرة للعيان ، والفردية في حياة عامة الناس ، بحيث إن الإنسان مسؤول عن نفسه فقط أما الأبناء والوالدان وبقية الأسرة فليس مسؤولاً عنهم ، بل حتى الزوجة إن وُجِدت فليست مسؤولية الزوج ، وغير ذلك من العيوب المتمكنة في هذا النظام ، ولا توجد في غيره إلا أن يكون نظاماً أخذ عنه أو عن الأفكار التي نشأت في ظله ؛ وكل هذا هو نتاج النظام الديمقراطي الذي يمتدحه الغافلون عن مساوئه .
أما في عصور المسلمين القديمة منذ حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يوجد أي شيٍ يدل على ذمه ، لا الأيات ولا الأحاديث ، ولا تجارب الأمة الإسلامية في النظام الملكي الذي أدى أداءً رائعاً في معظم أحواله سوى النظام الملكي القائم على تمجيد طائفي كالنظام البويهي [تاريخ السقوط٤٨٥هـ]والعُبيدي [٥٦٧هـ]والصفوي[١١٤٩هـ] فقد انشغلت تلك الأنظمة عن المواطن إلى محاولة فرض المذهب على الناس ، ومحاولة تحصيل الخرافات التي ستحدث بزعمهم في أخر الزمان .
أما سائر الأنظمة الملكية في العالم الإسلامي فتتفاوت ما بين متميزة وجيدة ، والأخطاء فيها أيضا تتفاوت ما بين أخطاء عظيمة وأخطاء يسيرة ، لكنها على العموم تقوم بشأن المواطن غالباً ، وتكرم العلم والعلماء .
وما كان دخول الصليبيين والمغول وما يسمى بالاستعمار في العصر الحديث إلا بسبب الناس وانهماكهم في التصوف ، وانشغالهم عمَّا يفيدهم كالعسكرة والدفاع عن أنفسهم وأوطانهم ، إلى إرادة الشيوخ [أي يكونون مريدين لهم] وغيرها من الآفات والطواقم .
أما الحكم الملكي فبأسه العظيم هو تشجيع الصوفية كي ينشغل الناس عنهم وعن جنايتهم على أموال الأمة التي كانت كبيرة في الغالب .
وكل من كتب عن السياسة في العصر الإسلامي لم يكتب في ذات النظام الملكي شيئاً وراجِع الأحكام السلطانية للماوردي والأحكام السلطانية لأبي يعلى وغياث الأمم للجويني والسياسة الشرعية لابن تيمية والمقدمة لابن خلدون وبدائع السلك في طبائع الملك للأزرقي ، فكل هذه الكتب وغيرها لم تنتقد صلب النظام الملكي ، وإنما فيه أشارات إلى عيوب في التطبيق عند الملوك.
ونعود للآيات القرأنية ، فهي تذكر المُلك مقروناً بالإيتاء من الله تعالى كقوله عز وجل: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ المُلكِ تُؤتِي المُلكَ مَن تَشاءُ وَتَنزِعُ المُلكَ مِمَّن تَشاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشاءُ بِيَدِكَ الخَيرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ﴾ [آل عمران: ٢٦]أي : يهب الملك وينعُم به ابتلاء ،وتتفضل به على من تشاء ؛ ولو لم يكن الملك هبة من الله لما عبر بهذه الصيغة ؛ هذا وعبارة الملك في الآية تشمل جميع أنواع السلطان ، وقيل : النبوة وحدها ، وهو ليس بصحيح ، ولم يأخذ بهذا القول سوى الزيدية الذين لم يجيزوا الملك إلا لابني البطنين الحسن والحسين ، وكذلك الإباضية الذين يمنعون الذين لم يجيزوا الملك في تُراثهم ؛ أما المعتزلة فرغم منعهم منه ، وإجازتهم للسيف في طلبه إلا أنهم كانوا خدما للملوك في عصر المأمون والمعتصم والواثق .
وأما السنة النبوية فليس فيها سوى وصف بعض الملوك بالرحمة ، ووصف ملكهم أحيانا بالعَّاض والجبري تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ ).
وهي أوصاف ليست مذمة بل أوصاف تمييز ، إذ لا يخفى ما في الملك من استئثار وجبرية كما وصفه صلى الله عليه وسلم ،
وعلى ذلك فإن مما ينبغي للناس تجاه هذه الجبرية هو الرفق بالحكام ، نعم : الرفق بالحكام ، وذلك كي يرفق الحكام بالناس ، ودوام دعاء الله تعالى لهم بالتوفيق والسداد وصلاح البطانة وهم : أهل الرأي المقربون من الحاكم ؛ وهو أمر لم يعد يسمع إلا من خطباء المساجد ، وإلا فإن الدعاء لولي الأمر سنة حسنة يقوم بها فضلاء الناس ، كما روي عن الإمام أحمد.
وكان الخروج على الملوك هو أدوى الأدواء ، وهو سببٌ أول لضعف الدولة الإسلامية منذ عهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، مع أسباب أخر ، لعل من أبرزها تشاغل الملوك عن رعاية الناس وتكليف غيرهم بهذا ، كما كان في عهد الخليفة المستعصم العباسي ، الذي كان متدينا وعلى عقيدة حسنة إلا أنه أوكل مهامه إلى وزيره ، وكان الوزير والعياذ بالله
خائنا ، فحالف الأعداء على الخلافة وأطاح بالخليفة ، ومع ذلك لم يستأذنه هؤلاء الأعداء ولم يلِ لهم وكان أمر الله قدراً مقدورا.













![بناء الشخصية السلفية في ظل المتغيرات[محاضرة مفرغة]](https://i0.wp.com/www.mohamadalsaidi.com/wp-content/uploads/2020/06/EE3D1CE0-F756-4577-B03E-79D00D1B6105-e1591160555879.jpeg?fit=300%2C200&ssl=1)




![الثقافة بين الثوابت والمتغيرات [ورقة عمل]](https://i0.wp.com/www.mohamadalsaidi.com/wp-content/uploads/2016/05/image-3-e1462922547584.jpeg?fit=300%2C300&ssl=1)
التعليقات