آخر الأخبار
هل لي أن أتزوج بمن حلفت ألا أتزوج بها؟
استخرت من أجل الزواج بفتاة متدينة ومتعلمة والحمد لله، ولقد ارتحت عندما رأيتها، ولكن والدتي رفضت، و قالت سنجد أجمل منها مع وجود الدين والخلق، وناقشت والدتي في هذا الموضوع، وقمت بحلف يمين أنني لن أتزوجها أبدا، وذلك مع إعجابي بها، وطلب والدتي أن أرى غيرها، علماً أن موافقة والدتي وإعجابها بالفتاة التي أريد أن أتزوجها أمر ضروري، وفي غاية الأهمية، فهل هذه اليمين نتيجة الاستخارة، وهل يمكن أن أحنث فيها؟
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
للسائل الكريم أسئلة:
أولها : هل ما حصل من والدته من الانصراف عن هذه الفتاة قد يكون نتيجة للاستخارة.
الجواب : قد يكون ذلك؛ فإن المرء يقول في دعاء الاستخارة: (وإن كنت تعلم أن في هذا الأمر شرا لي في ديني ودنياي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه ). فلعل ما أشارت به والدتك من صرف الله تعالى لك عن هذا الزواج , مع أنه ينبغي لك أن تدرك ما لوالدتك من الخبرة والمعرفة بالنساء وأمورهن ومحاسنهن أكثر مما لديك، بل إنني أزعم أن لا خبرة لديك بالنساء وأمورهن، لاسيما وأنت شاب مازلت متشوفا للنساء قد تغتر بأول من ترى. وتذكَّر أن لوالدتك عليك حق الطاعة والرضى بما تأمرك به، مالم يكن ظلما لغيرك.
أما قولك: هل يمكن أن تحنث في اليمين، فالجواب : إذا يسر الله لك تلك الفتاة مع رضى والدتك فلا بأس أن تحنث وتكفر؛ عملا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم في وصيته لعبد الرحمن بن سمرة، كما رواه صحيح البخاري (ج6/ص2443) :” وإذا حَلَفْتَ على يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا منها فَكَفِّرْ عن يَمِينِكَ وَأْتِ الذي هو خَيْرٌ. وهنا وصية لك ولوالدتك :
لا تجعلا ما ورد في إباحة رؤية المخطوبة وسيلة للتقلب بين فتيات المسلمين واستعراضهن، فإن ذلك مأثم وإضاعة مروءة، وإنما أبيحت الرؤية لمن عزم على خطبة امرأة بعينها ابتغاء لدوام الألفة بينهما، ولم تشرع الرؤية لمن أراد أن يخطب امرأة لا بعينها فيذهب، ويفتتح بيوت الناس، ويتفحص كرائم الرجال من بيت إلى بيت، يلعب بخلق الله ويسيء إلى خواطر هؤلاء البنيات اللاتي برزن له، ثم تركهن وترك في قلوبهن من الحسرة والأسف ما الله به عليم .
وإذا رأيت أن والدتك تريد أن تتقلب بك هكذا في بيوت الناس ترى وتدع فانهها برفق، وأخبرها أن هذا ليس شرع الله تعالى، وحاشا الله أن يبيح فضح الحرائر، والإساءة إلى خواطرهن بحجة البحث عن عروس تلائم الولد .
روي في الأحاديث المختارة (ج5/ص169) عن أنس أن المغيرة بن شعبة أراد أن يتزوج امرأة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ” اذهب فانظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما قال ففعل فتزوجها فذكر من موافقتها”. إسناده صحيح، فالواضح من سياق الحديث أن المغيرة رضي الله عنه أراد أي عزم على خطبة امرأة، فنصحه الرسول أن ينظر إليها، ولم ينصحه بأن يدخل بيوت الأنصار ليبحث عن التي يرى أنها الأجمل .
وجاء في صحيح مسلم( ج2/ص1040) عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال:” كنت عِنْدَ النبي صلى الله عليه وسلم، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً من الْأَنْصَار،ِ فقال له رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَظَرْتَ إِلَيْهَا قال لَا قال: فَاذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا فإن في أَعْيُنِ الْأَنْصَارِ شيئا”. وهذا الحديث يدل على أن الرجل عقد على المرأة ولم يدخل بها بعد، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينظر إليها قبل أن يدخل بها؛ وذلك حتى لا يدخل بها ثم يفارقها، وفي ذلك من الأثر على المرأة ما لا يخفى. هذا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
التعليقات