إن ما نقوم به هو معذرة إلى ربنا يا أبا عمرو

تكبير الخط تصغير الخط

بقلم: د.محمد السعيدي:

إلى أبي عمرو أخي الدكتور الأحمري مع التحية

أشكر الدكتور محمد الأحمري على مداخلته الكريمة , وقبل التعليق عليها ألخص ما فيها من نتائج

1- المفترض أن يكون لدى الباحث فهما صحيحا للمجتمع الغربي قبل أن يستند إلى قول هنا أو قول هناك أو حادثة هنا وحادثة هناك , لأن الكتابات المتفرقة والتجارب الضئيلة لا يمكن أن تكون هي الممثلة للغرب .

2- أن التورط في الثناء على مجاهيل لأنهم يتفقون معنا في جزئية قد يوقعنا في ورطة فهم قد يكونون أبعد الناس عنا إذا نظرنا لهم من حيث المجموع الفكري لهم أو لأفرادهم .

3- أن هناك تافهون فكريا لكنهم مع ذلك مؤثرون في الغرب لأنهم يملكون قدرات إعلامية أو لأن لهم كنائس تروج لهم .

4- أن المفترض فيمن لا يستطيع التفريق بين درجات اليمين الغربي ولا درجات اليسار الغربي أن يأخذ بأعم ما ظهر له .

5- أن المظهر الأعم في الحياة الغربية هو إقرار الاختلاط ودعمه حكوميا وفكريا وكل مظهر غير هذا يعد مظهرا شاذا لا يمكن أن يكون طريقا لفهم المجتمع الغربي .

6- يختم الدكتور الأحمري ملاحظاته بهذه الكلمة : ولكن هذا لا يعني عدم وجود دراسات وآراء تستحق الاهتمام تطالب بالتفريق، فمثلا نظرية أن البنات يتعلمن بطريقة تختلف عن طريقة تعلم البنين نظرية لها أدلتها ودعاتها، ولكن لأسباب عديدة في ميراث الثقافة الغربية المتوحش ضد المرأة والأجناس الأخرى أصبح الاعتدال صعبا والعقل متهما والتطرف في الشعارات مقبولا.

7-يرى الدكتور محمد أن الإسلاميين بوقوفهم ضد عمل المرأة محاسبة وضد قيادتها إنما يقفون في وجه الفئات الضعيفة في المجتمع ويسيئون لدينهم ولأنفسهم .

هذا فهمي لمداخلة الدكتور محمد الأحمري والذي سوف أناقشه هو هذا الفهم ,الذي إن لم يكن هو مراد الدكتور محمد فالعهدة علي .

فأقول :

أولا : النقاط الست الأول لا أختلف معك فيهن ولا أظن أستاذنا عبدالرحمن الأنصاري يختلف معك فيهن , والأستاذ جمال لا يخالفنا حتما في النقاط الخمس الأول , ولا أعلم رأيه في النقطة السادسة والغالب أنه لا يخالفنا فيها من حيث التنظير على الأقل , هذه النقاط من المتفق عليه بين جميع الأطراف , وليتها كانت موضوع النقاش لانتهى الأمر قبل أن يبدأ .

هذه النقاط نحتاج إليها لو كان خلافنا في الحكم على الغرب من خلال كلمات بعض كتابه ومفكريه أو بعض مجاهيله .

نحن لا نجهل أن الغرب مجتمعات شتى وأن قيم ما نسميه نحن الانحلال الأخلاقي ويسمونها الحرية الأخلاقية هي القيم السائدة والعامة فيه , نحن ياأستاذنا كما تحب منا : نفهم المجتمع الغربي بأعم ما ظهر لنا منه ونعلم أن التعليم غير المختلط وإن وجد في أمريكا وبريطانيا ليس هو التعليم الأمريكي , ولم أقل إن هناك ثورة على القيم السائدة وأن التحول في أمريكا وبريطانيا أصبح ملحوظا , لم أقل ذلك أبدا , ولست من صغر العقل أو قلة الاطلاع بحيث أقول ذلك , فقد قرأت عن الغرب وسافرت إلى الغرب وشاهدت أفلام غربية ولم أعش يوما من الدهر في بدروم منزلنا منقطعا عن كل وسائل الاتصال .

لو كان خلافنا في الحكم على الغرب هل هو مجتمع ثائر متمرد على قيم التحرر الأخلاقي أم لا , لكانت كلماتك أستاذنا الكريم في موقعها الصحيح , لكن للأسف خلافنا في غير ذلك ولهذا فكل ما كتبته من كلام جميل سوف أحتفظ به في أرشيفي وأعده موجها لغيري.

ثانيا : خلافنا باختصار يبدأ من نقطة اتفاق وينتهي بافتراق وهو على النحو التالي:

كلانا يقر بأن القيم الغربية فيما يتعلق بعلاقة الرجل بالمرأة قيم تحررية من وجهة نظرهم ومنحلة من وجهة نظرنا , يتفق معي في ذلك الأستاذ جمال كما أتوقع .

كلانا يقر بأن هذا الانحلال الغربي قائم على نظريات في مفاهيم الحرية وليس انحلالا مجردا عن الأدلجة , لا نختلف في ذلك جمال وأنا .

الخلاف إذا في أمرين :

أحدهما : هل كان للفكر الرأسمالي النفعي وإقحام المرأة في العمل المختلط والدراسة المختلطة بزعم المساواة في الحقوق والواجبات أثر في ترسيخ قيم حرية الجسد والأخلاق وجعلها واقعا ,أم لا ؟

الآخر : هل هناك أصوات غربية مفكرة لها وزنها بدأت بنقد الواقع الغربي واكتشاف جناية الإفراط في مفاهيم الحرية على الأخلاق في الغرب وهل منهم من عزا هذا الانحلال الغربي إلى إقحام المرأة بقوة في العمل المختلط والدراسة المختلطة ؟

هذا هو محل خلافنا يا أستاذنا الكريم وفقك الله لكل خير .

7- وأنا أعتقد أن بعض ماقلته يخدم ما أذهب إليه في هذه القضية وهو قولك (ولكن هذا لا يعني عدم وجود دراسات وآراء تستحق الاهتمام تطالب بالتفريق، فمثلا نظرية أن البنات يتعلمن بطريقة تختلف عن طريقة تعلم البنين نظرية لها أدلتها ودعاتها، ولكن لأسباب عديدة في ميراث الثقافة الغربية المتوحش ضد المرأة والأجناس الأخرى أصبح الاعتدال صعبا والعقل متهما والتطرف في الشعارات مقبولا)

أما النقطة السابعة من نقاط فهمي لمداخلتك الكريمة فالجواب عليها باختصار :

وهل تعتقد يا أستاذنا الكريم أن رفع الظلم عن المرأة هو بتوظيفها محاسبة بمرتب 3000ريال يذهب ثلثها في النقل وثلها في اللباس وثلثها في النثريات وذلك في أكبر بلد بترولي في العالم يشتمل على العديد من كبريات الشركات وكبار الأثرياء ؟

كيف تعتقد ذلك وأنت تعلم أن ثلاثة أضعاف هذا المرتب يأخذه العاطل في بريطانيا لكونه مواطنا .

إن 3000 آلاف هي حق هذه المرأة كمواطنة محتاجة للمال من وزارة الشجون الاجتماعية وليست أجرة لبقائها تسع ساعات أمام صندوق المحاسبة .

إن من رفع الظلم عن المرأة أن لا نجعلها فريسة سهلة للرأسمالية المقيتة التي يراد لها أن تأكلنا دون أن تعطينا شيئا ,حتى ما تعطيه الرأسمالية الغربية لمطحونيها يراد لنا أن نحرم منه .

لقد حسم الأمر أخونا جمال وقال : إن المرأة الكاشير هي رمز لتحرير المرأة _ أو كما قال عفا الله عنه _ فمحاربتنا لتكشير المحال التجارية إنما هي من المدافعة المشروعة لنا أمام مشروع لن يقدم للمرأة شيئا سوى إخراجها من منزلها وزيادة فقرها وحاجتها كما هو الأمر في سوريا والأردن والعراق ولبنان ومصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب .

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.