أخذ المال مقابل التبرع بالدم!

تكبير الخط تصغير الخط
المجيب د محمد بن ابراهيم السعيدي
السؤال

هناك بعض المستشفيات الخاصة -إن لم يكن جميعها- تعطي من يتبرع بالدم لديها مبلغاً من المال مقابل ذلك الدم الذي تأخذه منه. هل يجوز أخذ المال مقابل الدم؟ مع العلم أن المستشفى يقوم ببيع الدم على المرضى بأضعاف المبلغ الذي اشتراه به؟!

الجواب

الحمد لله وحده والصلاة على من لا نبي بعده وبعد:
فالدم محرم بنص القرآن قال تعالى: “حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ” [المائدة:3]. وجاء في الحديث الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لعن الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم، فباعوها وأكلوا أثمانها وإن الله -عز وجل- إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه” أخرجه أحمد (2111)، وأبو داود (3488). وعند البخاري (2223)، ومسلم (1582). أوله.
وعلى ذلك جاءت فتاوى العلماء في عصرنا بإباحة نقل الدم وتحريم بيعه ومن تلك الفتاوى: فتوى الشيخ حسنين مخلوف مفتى الديار المصرية، وهي من أوائل الفتاوى في هذا الباب حيث صدرت سنة (1950م) وفتوى الشيخ حسن مأمون (مفتي الديار المصرية) برقم (1065) وتاريخ (2/12/1378هـ) الموافق (9 يوليه 1959م)، وفتوى هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية برقم (65) وتاريخ (7/2/1399هـ)، وفتوى لجنة الإفتاء بالمملكة الأردنية الهاشمية بتاريخ (20/5/1397هـ)، وفتوى لجنة الإفتاء الجزائرية بتاريخ (6/3/1392هـ) وفتوى المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي، وقد جاء في الفتوى الصادرة في( 13/7/1409هـ) تحريم بيع الدم، وأن نقل الدم من امرأة إلى طفل دون الحولين لا يأخذ حكم الرضاع المحرَّم.. وهو أمر اتفقت عليه الفتاوى الصادرة في هذا الشأن.. وصدرت عشرات، بل مئات الفتاوى الجماعية والفردية، والكتب والمقالات التي تبيح نقل الدم إذا تعين ذلك لإنقاذ حياة أو لشفاء مرض. وأن ذلك يجب أن يكون من قبيل التبرع لا المعاوضة والبيع.. وأن المضطر للشراء لا لوم عليه ولا تثريب، إن لم يجد وسيلة أخرى لذلك. وأن تتبع الشروط الطبية لنقل الدم للتوقي من نقل الأمراض، ومن حدوث تفاعلات خطيرة. 
وقد جاء في فتوى المجتمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي في دورته الحادية عشرة المنعقدة بمكة المكرمة (13-20 رجب 1409هـ ما يلي:
(أما حكم أخذ العوض عن الدم، وبعبارة أخرى: بيع الدم؛ فقد رأى المجلس أنه لا يجوز؛ لأنه من المحرمات المنصوص عليها في القرآن الكريم مع الميتة ولحم الخنزير، فلا يجوز بيعه وأخذ عوض عنه. وقد صح في الحديث: “إن الله تعالى إذا حرم شيئاً حرم ثمنه”، كما صح أنه نهى عن بيع الدم. ويستثنى من ذلك حالات الضرورة إليه للأغراض الطبية ولا يوجد من يتبرع إلا بعوض، فإن الضرورات تبيح المحظورات، بقدر ما ترفع الضرورة وعندئذ يحل للمشتري دفع العوض، ويكون الإثم على الآخذ. ولا مانع من إعطاء المال على سبيل الهبة أو المكافأة تشجيعاً على القيام بهذا العمل الإنساني الخيري لأنه يكون من باب التبرعات، لا من باب المعاوضات). والله أعلم.

 

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.